أوسكار: نجم البرازيل العالمي

أوسكار: اللاعب البرازيلي الذي ترك بصمة عالمية في كرة القدم

يعد أوسكار دوس سانتوس إمبويبا (Oscar dos Santos Emboaba) واحدًا من أبرز اللاعبين في تاريخ كرة القدم البرازيلية المعاصرة. رغم صغر سنه عند بدء مسيرته الاحترافية، استطاع أوسكار أن يحقق نجاحات لافتة في البطولات المحلية والعالمية، ويصبح أحد الوجوه المألوفة في الدوري البرازيلي والدوريات الأوروبية الكبرى. في هذا المقال، سنستعرض مسيرة أوسكار، ملامح لعبه الفنية، تأثيره على كرة القدم البرازيلية والعالمية، ونتعرف على أهم محطات حياته الرياضية.

النشأة والبداية الرياضية

وُلد أوسكار في 9 سبتمبر 1991 في مدينة “دوس نوفوس” في ولاية ميناس جيرايس بالبرازيل. نشأ أوسكار في بيئة رياضية حيث كان يشاهد ويشارك في المباريات منذ سن مبكرة. ورغم أن كرة القدم كانت شغفًا له منذ الطفولة، إلا أن نشأته لم تكن تخلو من التحديات، حيث عانى من الفقر في مراحل مبكرة من حياته. لكن كرة القدم كانت بالنسبة له بمثابة طريق للخروج من هذا الواقع، ولذا كان يسعى دائمًا لإظهار مهاراته في الملاعب الصغيرة التي كان يلعب فيها في مدينته.

في عام 2004، في سن الثالثة عشرة، انضم أوسكار إلى أكاديمية نادي “إنترناسيونال” في مدينة بورتو أليغري، حيث بدأ في إظهار موهبته الكبيرة بشكل واضح. في الأكاديمية، تميز أوسكار بقدراته الفنية العالية، وكان يُعتبر أحد أفضل اللاعبين الصاعدين في البرازيل. لم يستغرق وقتًا طويلًا حتى لفت انتباه الأندية الكبرى في البلاد.

المسيرة الاحترافية مع إنترناسيونال

بدأ أوسكار مسيرته الاحترافية مع نادي “إنترناسيونال” البرازيلي في عام 2008. ورغم صغر سنه، استطاع أن يُثبت نفسه بسرعة في الفريق الأول، حيث أظهر مهاراته الكبيرة في المراوغة والتحكم بالكرة، إضافة إلى رؤيته الممتازة للملعب وقدرته على صناعة الفرص. في موسم 2010، قدم أوسكار أداءً رائعًا مع الفريق في الدوري البرازيلي، مما جعله يُستدعى للمنتخب الوطني البرازيلي في الفئات العمرية المختلفة.

تُوجت مسيرته مع إنترناسيونال بالفوز بكأس ليبرتادوريس 2010، وهو أحد أبرز البطولات في كرة القدم الأمريكية الجنوبية، كما فاز الفريق بكأس سوبر ليبرتادوريس، ليحقق بذلك أولى البطولات الكبيرة في مسيرته الاحترافية.

الانتقال إلى أوروبا: تشيلسي الإنجليزي

في عام 2012، اتخذ أوسكار خطوة كبيرة في مسيرته بالانتقال إلى الدوري الإنجليزي الممتاز للانضمام إلى نادي تشيلسي، وهو واحد من أكبر الأندية في أوروبا. كانت هذه الخطوة بمثابة تحدي جديد له، إذ كان يتعين عليه إثبات نفسه في إحدى أكثر الدوريات تنافسية في العالم. ولكن لم يمضِ وقت طويل حتى أظهر أوسكار قدراته الفائقة، وأصبح جزءًا أساسيًا من تشكيلة الفريق.

سجل أوسكار أول أهدافه مع تشيلسي في دوري أبطال أوروبا 2012، في مباراة ضد يوفنتوس الإيطالي. هذا الهدف كان بداية انطلاقته مع الفريق الأزرق، حيث أصبح يُعد من اللاعبين الأساسيين في تشكيل المدرب الإسباني روبيرتو دي ماتيو، وأسهم بشكل مباشر في فوز تشيلسي بدوري الأبطال لأول مرة في تاريخه في نفس العام.

الإنجازات مع تشيلسي

على الرغم من وجود العديد من النجوم الكبار في تشيلسي، مثل فرانك لامبارد وديدييه دروغبا، إلا أن أوسكار استطاع أن يفرض نفسه كأحد أفضل اللاعبين في الفريق. في موسم 2013-2014، سجل أوسكار هدفًا رائعًا في مرمى “توتنهام هوتسبير” من ركلة حرة مباشرة، ليؤكد مكانته في الفريق. أوسكار لعب دورًا محوريًا في العديد من البطولات المحلية والأوروبية، حيث فاز مع الفريق بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز في موسم 2014-2015، بالإضافة إلى فوزه بكأس الاتحاد الإنجليزي وكأس الرابطة الإنجليزية.

وكانت مهارات أوسكار في المراوغة، والتمرير، والقدرة على قراءة المباراة تُعد من أهم ميزاته في تشيلسي، كما أن انطلاقاته السريعة من الوسط كانت تشكل تهديدًا دائمًا للفرق المنافسة. رغم التنافس الشديد في تشيلسي، كانت قدراته الفنية والذهنية تجعله لاعبًا لا غنى عنه في العديد من المباريات الهامة.

الانتقال إلى الصين: الدوري الصيني الممتاز

في يناير 2017، فاجأ أوسكار الجميع بانتقاله إلى نادي “شنغهاي سيبغ” الصيني في صفقة ضخمة تُعد واحدة من أكثر الصفقات إثارة للدهشة في تاريخ كرة القدم. انتقل أوسكار إلى الصين بمبلغ يُقدر بحوالي 60 مليون يورو، ليصبح أحد أغلى اللاعبين في تاريخ الدوري الصيني. لم يكن هذا الانتقال مجرد خطوة مالية بالنسبة له، بل كان أيضًا تحديًا جديدًا في بيئة كروية مختلفة عن أوروبا.

ورغم أن الدوري الصيني لا يتمتع بالشهرة نفسها التي تحظى بها الدوريات الأوروبية الكبرى، إلا أن أوسكار واصل إظهار مهاراته العالية. أصبح أحد النجوم البارزين في الدوري الصيني، ونجح في تحسين مستوى الفريق الذي انضم إليه. في الصين، واصل تقديم مستوى رائع في التمرير وصناعة الأهداف، بالإضافة إلى تسجيل الأهداف بقدمه اليسرى المميزة.

أوسكار مع المنتخب البرازيلي

على المستوى الدولي، كان أوسكار جزءًا من المنتخب البرازيلي في العديد من البطولات الكبرى. في عام 2011، شارك في بطولة كوبا أمريكا، وكان أحد الوجوه الجديدة التي ظهرت على الساحة الدولية، ورغم الخروج المبكر للبرازيل من البطولة، إلا أن أوسكار نال إشادة واسعة بسبب مستواه الفردي.

في كأس العالم 2014، كان أوسكار أحد لاعبي المنتخب البرازيلي الأساسيين تحت قيادة المدرب لويس فيليبي سكولاري. وقد ساهم في فوز البرازيل على كرواتيا في المباراة الافتتاحية بهدف رائع، ولكن الفريق خرج في نصف النهائي بعد الهزيمة الثقيلة أمام ألمانيا (7-1). ومع ذلك، لم تُحبط هذه الهزيمة أوسكار، بل واصل تمثيل البرازيل بكل جدية في البطولات التالية.

أسلوب لعبه ومهاراته

يتميز أوسكار بأسلوب لعب هجومي مميز يجمع بين التمريرات الحاسمة، والقدرة على المراوغة، والمهارة العالية في التهديف. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر أوسكار لاعبًا متعدد المهام في الوسط، حيث يمكنه أن يلعب في أكثر من مركز، سواء كان صانع ألعاب أو لاعب وسط هجومي. من أبرز مميزاته هي قدرته على قراءة المباراة، وتحقيق التوازن بين الدفاع والهجوم، مما جعله من بين أفضل لاعبي الوسط في عصره.

يُعتبر أوسكار أيضًا من اللاعبين الذين يمتلكون رؤية شاملة للملعب، حيث يمكنه ربط الخطوط ببعضها البعض بتمريرات دقيقة للغاية. كما أنه يتمتع بقدرة على إغلاق المساحات أمام خصومه بفضل تحركاته الذكية. في الركلات الحرة، كان له أسلوب مميز في التسديد، حيث يتمكن من تسجيل أهداف رائعة من مسافات بعيدة.

التحديات الشخصية والمهنية

على الرغم من مسيرته المهنية اللامعة، لم تخلُ حياة أوسكار من التحديات الشخصية والمهنية. إذ كان يعاني في بعض الفترات من صعوبة التأقلم مع الانتقالات، سواء من الدوري البرازيلي إلى الدوري الأوروبي، أو من الدوري الأوروبي إلى الدوري الصيني. لكن بفضل إصراره وتفانيه في التدريب، استطاع أن يتغلب على هذه التحديات ويظل أحد أبرز لاعبي كرة القدم في العالم.

الخاتمة

يُعد أوسكار من اللاعبين الذين قدموا الكثير لكرة القدم البرازيلية والعالمية. بفضل مهاراته الفنية العالية، وإبداعه على أرض الملعب، وتفانيه في العمل، استطاع أن يبني لنفسه سمعة كبيرة في مختلف الدوريات التي لعب فيها. من خلال مسيرته مع أندية مثل إنترناسيونال وتشيلسي، ثم انتقاله إلى الدوري الصيني، أثبت أوسكار أنه قادر على التألق في أي بيئة كروية. ولا يزال اسمه يتردد في الأوساط الرياضية العالمية، باعتباره أحد أبرز لاعبي الوسط في جيله.